[ موقف ابن مسعود من المعوذتين ]
روى الإمام أحمد عن زر بن حبيش قال: قلت لأبي ابن كعب: إن ابن مسعود لا يكتب المعوذتين في مصحفه فقال:أشهد أن رسول الله أخبرني أن جبريل عليه السلام قال له { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1)} فقلتهما: قال {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1)} فقلتها: فنحن نقول ما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
[ فضل المعوذتين ]
وقد روى مسلم في صحيحه عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أَلَمْ تَرَ آيَاتٍ أُنْزِلَتْ هَذِهِ اللَّيْلَةَ لَمْ يُرَ مِثْلُهُنَّ قَطُّ { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1)} و { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1)}) ورواه أحمد والترمذي والنسائي وقال الترمذي: حسن صحيح.
(طريق أخرى) روى الإمام أحمد عن عقبة بن عامر قال: بينا أنا أقود برسول الله صلى الله عليه وسلم في نقب من تلك النقاب إذ قال لي (يَا عُقْبَةُ أَلاَ تَرْكَبُ؟) قال: فأشفقت أن تكون معصية، قال: فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وركبت هنية ثم ركب ثم قال (يَا عُقْبَةُ، أَلاَ أُعَلِّمُكَ سُورَتَيْنِ مِنْ خَيْرِ سُورَتَيْنِ قَرَأَ بِهِمَا النَّاسُ؟) قلت: بلى يا رسول الله، فأقرأني {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1)} و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1)} ثم أقيمت الصلاة فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ بهما، ثم مر بي فقال (كَيْفَ رَأَيْتَ يَا عُقَيْبُ، اقْرَأْ بِهِمَا كُلَّمَا نِمْتَ وَكُلَّمَا قُمْتَ) ورواه النسائي وأبو داود.
(طريق أخرى) روى النسائي عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إِنَّ النَّاسَ لَمْ يَتَعَوَّذُوا بِمِثْلِ هّذّيْنِ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1)} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1)}.
(طريق أخرى) روى النسائي عن عقبة بن عامر قال: كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال (يَا عُقْبَةُ قُلْ) قلت: ماذا أقول؟ فسكت عني ثم قال (قُلْ) قلت: ماذا أقول يارسول الله؟ قال: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1)} فقرأتها حتى أتيت آخرها، ثم قال (قُلْ) فقلت: ماذا أقول يارسول الله؟ قال قُلْ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1)} فقرأتها ثم أتيت آخرها، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك (مَا سَأَلَ سَائِلٌ بِمِثْلِهَا، وَلاَ اسْتَعَاذَ مُسْتَعِيذٌ بِمِثْلِهَا).
(حديث آخر) روى النسائي عن ابن عابس الجهني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له (يَا ابْنَ عَابِسِ أَلاَ أَدُلُّكَ – أَوْ أَلاَ أُخْبِرُكَ – بِأَفْضَلِ مَا يَتَعَوَّذُ بِهِ الْمُتَعَوِّذُون؟) قال: بلى يا رسول الله، قال ({قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1)} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1)} هَاتَان السُّورَتَانِ).
وروى الإمام مالك عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه المعوذتين وينفث، فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه بالمعوذات، وأمسح بيده عليه، رجاء بركتها، ورواه البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجه. وعن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من أعين الجان وأعين الإنسان، فلما نزلت المعوذتان أخذ بهما وترك ما سواهما. رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
:: المصدر ::
المصباح المنير في تهذيب تفسير ابن كثير
للإمام إسماعيل بن عمر بن كثير
رحمه الله