دعاء المظلوم(اللهم ! اكفنيهم بما شئت .)
كان ملك فيمن كان قبلكم . وكان له ساحر .
فلما كبر قال للملك : إني قد كبرت . فابعث إلي
غلاما أعلمه السحر . فبعث إليه غلاما يعلمه .
فكان في طريقه ، إذا سلك ، راهب . فقعد إليه
وسمع كلامه . فأعجبه . فكان إذا أتى الساحر مر
بالراهب وقعد إليه . فإذا أتى الساحر ضربه .
فشكا ذلك إلى الراهب . فقال : إذا خشيت الساحر
فقل : حبسني أهلي . وإذا خشيت أهلك فقل :
حبسني الساحر .
فبينما هو كذلك إذ أتى على دابة عظيمة قد
حبست الناس . فقال : اليوم أعلم آلساحر
أفضل أم الراهب أفضل ؟ فأخذ حجرا فقال :
اللهم ! إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر
فاقتل هذه الدابة . حتى يمضي الناس . فرماها فقتلها .
ومضى الناس . فأتى الراهب فأخبره . فقال له الراهب :
أي بني ! أنت ، اليوم ، أفضل مني . قد بلغ من أمرك ما أرى .
وإنك ستبتلى . فإن ابتليت فلا تدل علي .
وكان الغلام يبرئ الأكمه والأبرص ويداوي الناس من
سائر الأدواء . فسمع جليس للملك كان قد عمي .
فأتاه بهدايا كثيرة . فقال : ما ههنا لك أجمع ، إن أنت شفيتني
. فقال : إني لا أشفي أحدا . إنما يشفي الله .
فإن أنت آمنت بالله دعوت الله فشفاك . فآمن بالله .
فشفاه الله .
فأتى الملك فجلس إليه كما كان يجلس . فقال له الملك :
من رد عليك بصرك ؟ قال : ربي . قال : ولك رب غيري ؟
قال : ربي وربك الله .
فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الغلام . فجئ بالغلام .
فقال له الملك : أي بني ! قد بلغ من سحرك ما تبرئ الأكمه
والأبرص وتفعل وتفعل .
فقال : إني لا أشفي أحدا . إنما يشفي الله .
فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الراهب .
فجئ بالراهب . فقيل له : ارجع عن دينك . فأبى .
فدعا بالمئشار . فوضع المئشار على مفرق رأسه .
فشقه حتى وقع شقاه . ثم جئ بجليس الملك
فقيل له : ارجع عن دينك . فأبى .
فوضع المئشار في مفرق رأسه .
فشقه به حتى وقع شقاه .
ثم جئ بالغلام فقيل له : ارجع عن دينك . فأبى .
فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال : اذهبوا به إلى
جبل كذا وكذا . فاصعدوا به الجبل .
فإذا بلغتم ذروته ، فإن رجع عن دينه ، وإلا فاطرحوه .
فذهبوا به فصعدوا به الجبل . فقال : (اللهم ! اكفنيهم بما شئت )
فرجف بهم الجبل فسقطوا .
وجاء يمشي إلى الملك . فقال له الملك :
ما فعل أصحابك ؟ قال : كفانيهم الله .
فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال : اذهبوا به فاحملوه
في قرقور ، فتوسطوا به البحر . فإن رجع عن دينه وإلا فاقذفوه .
فذهبوا به .فقال : اللهم ! اكفنيهم بما شئت
. فانكفأت بهم السفينة فغرقوا .
وجاء يمشي إلى الملك . فقال له الملك : ما فعل أصحابك ؟
قال : كفانيهم الله . فقال للملك : إنك لست بقاتلي حتى تفعل
ما آمرك به . قال : وما هو ؟
قال : تجمع الناس في صعيد واحد . وتصلبني على جذع
. ثم خذ سهما من كنانتي . ثم ضع السهم في كبد القوس
. ثم قل : باسم الله ، رب الغلام . ثم ارمني .
فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني . فجمع الناس في صعيد واحد .
وصلبه على جذع . ثم أخذ سهما من كنانته . ثم وضع السهم
في كبد القوس ثم قال : باسم الله ، رب الغلام .
ثم رماه فوقع السهم في صدغه . فوضع يده في صدغه
في موضع السهم . فمات .
فقال الناس : آمنا برب الغلام . آمنا برب الغلام .
آمنا برب الغلام . فأتى الملك فقيل له : أرأيت ما كنت تحذر ؟
قد ، والله ! نزل بك حذرك . قد آمن الناس فأمر بالأخدود في
أفواه السكك فخدت . وأضرم النيران .
وقال : من لم يرجع عن دينه فأحموه فيها .
أو قيل له : اقتحم . ففعلوا حتى جاءت امرأة
ومعها صبي لها فتقاعست أن تقع فيها .
فقال لها الغلام : يا أمه ! اصبري . فإنك على الحق " .
الراوي: صهيب بن سنان الرومي القرشي
المحدث:مسلم - المصدر: صحيح مسلم
- الصفحة أو الرقم: 3005
خلاصة حكم المحدث: صحيح