منتديات نور العاشقين ملتقى العرب والعراقيين

تفسير سورة الفاتحة الجزء الأول Frasha10تفسير سورة الفاتحة الجزء الأول Frasha10تفسير سورة الفاتحة الجزء الأول Frasha10تفسير سورة الفاتحة الجزء الأول Frasha10تفسير سورة الفاتحة الجزء الأول Frasha10

اهلا وسهلا بك زائرنا الكريم يتوجب عليك التسجيل لمشاهدة كل المواضيع اذا كنت عضو مسجل تفضل بالدخول


منتديات نور العاشقين ملتقى العرب والعراقيين

تفسير سورة الفاتحة الجزء الأول Frasha10تفسير سورة الفاتحة الجزء الأول Frasha10تفسير سورة الفاتحة الجزء الأول Frasha10تفسير سورة الفاتحة الجزء الأول Frasha10تفسير سورة الفاتحة الجزء الأول Frasha10

اهلا وسهلا بك زائرنا الكريم يتوجب عليك التسجيل لمشاهدة كل المواضيع اذا كنت عضو مسجل تفضل بالدخول


منتديات نور العاشقين ملتقى العرب والعراقيين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات نور العاشقين ملتقى العرب والعراقيين


 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 تفسير سورة الفاتحة الجزء الأول

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
شخص محبوب
المدير العام
المدير العام
شخص محبوب


الـــعمر : 36

الـــــبــلـد : العراق
الجـــنس : ذكر
المساهمات : 1410

تفسير سورة الفاتحة الجزء الأول Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة الفاتحة الجزء الأول   تفسير سورة الفاتحة الجزء الأول I_icon_minitime13/09/11, 03:56 pm

[ البسملة أول آية من سورة الفاتحة ]
{بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)}الفاتحة، افتتح بها الصحابة كتاب الله ، واتفق العلماء على أنها بعض آية من سورة النمل ثم اختلفوا هل هي آية مستقلة في أول كل سورة، أو من أول كل سورة كتبت في أولها، أو أنها بعض آية من كل سورة.
وممن حكى عنه أنها آية من كل سورة إلا براءة ابن عباس وابن عمر وابن الزبير وأبو هريرة وعلي، ومن التابعين عطاء وطاوس وسعيد بن جبير ومكحول والزهري، وبه يقول عبدالله بن المبارك والشافعي وأحمد ابن حنبل في رواية عنه، وإسحاق بن راهويه وأبو عبيد القاسم بن سلام رحمهم الله، وقال مالك وأبو حنيفة وأصحابهما: ليست آية من الفاتحة ولا من غيرها من السور، وقال داود: هي آية مستقلة في أول كل سورة لا منها، وهذه رواية عن الإمام أحمد بن حنبل.

[ الجهر والإسرار بالبسملة في الصلاة الجهرية ]
فأما الجهر بها في الصلاة فمن رأى أنها ليست من الفاتحة فلا يجهر بها، وكذا من قال: إنها آية من أولها، وأما من قال بانها من أوائل السور، فاختلفوا فذهب الشافعي رحمه الله إلى أنه يجهر بها مع الفاتحة والسورة، وهو مذهب طوائف من الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين سلفاً وخلفاً، فجهر بها من الصحابة أبو هريرة وابن عمر وابن عباس ومعاوية، وحكاه ابن عبدالبر والبيهقي عن عمر وعلي، ونقله الخطيب عن الخلفاء الاربعة، وهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، وهو غريب، ومن التابعين عن سعيد بن جبير وعكرمة وأبي قلابة والزهري وعلي بن الحسن وابنه محمد وسعيد بن المسيب، وعطاء وطاوس ومجاهد وسالم ومحمد بن كعب القرظي وأبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، وأبي وائل وابن سيرين ومحمد بن المنكدر وعلي بن عبدالله بن عباس، وابنه محمد ونافع مولى ابن عمر وزيد بن أسلم وعمر بن عبدالعزيز والأزرق بن قيس وحبيب بن أبي ثابت وأبي الشعثاء ومكحول وعبدالله بن معقل بن مقرن، زاد البيهقي: وعبدالله بن صفوان ومحمد ابن الحنفية، زاد ابن عبدالبر: وعمرو بن دينار.
والحجة في ذلك أنها بعض الفاتحة، فيجهر بها كسائر أبعاضها، وأيضاً فقد روى النسائي في سننه وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما والحاكم في مستدركه عن أبي هريرة أنه صلى فجهر في قراءته بالبسملة، وقال بعد أن فرغ: إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم. وصححه الدارقطني والخطيب والبيهقي وغيرهم، وفي صحيح البخاري عن أنس بن مالك أنه سئل عن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم فقال: كانت قراءته مدّاً، ثم قرأ ببسم الله الرحمن الرحيم يمد بسم الله ويمد الرحمن ويمد الرحيم، وفي مسند الإمام أحمد وسنن أبي داود وصحيح ابن خزيمة ومستدرك الحاكم عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقطع قراءته { بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (3) مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)}الفاتحة، وقال الدار قطني إسناده صحيح. وروى الإمام أبو عبدالله الشافعي والحاكم في مستدركه عن أنس؛ أن معاوية صلى بالمدينة فترك البسملة فأنكر عليه من حضره من المهاجرين ذلك، فلما صلى المرة الثانية بسمل.
وفي هذه الأحاديث الآثار التي أوردناها كفاية ومقنع في الاحتجاج لهذا القول عما عداها. فأما المعارضات والروايات الغريبة وتطريقها وتعليلها وتضعيفها وتقريرها فله موضع آخر.
وذهب آخرون إلى أنه لا يجهر بالبسملة في الصلاة، وهذا هو الثابت عن الخلفاء الراشدين الأربعة وعبدالله بن معقل وطوائف من سلف التابعين والخلف، وهو مذهب أبي حنيفة والثوري وأحمد بن حنبل.
وعند الإمام مالك أنه لا يقرأ البسملة بالكلية لا جهراً ولا سرًّا، واحتجوا بما في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتح الصلاة بالتكبير والقراءة بالحمدلله رب العالمين. وبما في الصحيحين عن أنس بن مالك قال: صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان فكانوا يفتتحون بالحمد لله رب العالمين، ولمسلم: ولا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة ولا في آخرها. ونحوه في السنن عن عبدالله ابن مغفل رضي الله عنه، فهذه مآخذ الأئمة رحمهم الله في هذه المسألة، وهي قريبة، لأنهم أجمعوا على جهر بالبسملة من أسر، ولله الحمد والمنة.

فصل في فضلها
وروى الإمام أحمد بن حنبل في مسنده عن رديف النبي صلى الله عليه وسلم: قال عثر بالنبي صلى الله عليه وسلم فقلت: تعس الشيطان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( لاَ تَقُلْ: تَعِسَ الشَّيْطَانُ، فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ: بِاسْمِ اللهِ، تَصَاغَرَ حَتّى يَصِيرَ مِثْلَ الذُّبَابَ )، وقد روى النسائي في اليوم والليلة وابن مردويه في تفسيره عن أسامة بن عمير قال: كنت رديف النبي صلى الله علي وسلم فذكره وقال ( لاَ تَقُلْ هكَذَا، فَإِنَّهُ يَتَعَاظَمُ حَتّى يَكُونَ كَالْبَيْتِ، وَلكِنْ قُلْ: بِسْمِ اللهِ، فَإِنَّهُ يَصْغَرُ حَتّى يَكُونَ كَالذُّبَابَةِ )، فهذا من تأثير بركة بسم الله.

[ استحبابها في بداية كل عمل ]
ولهذا تستحب في أول كل عمل وقول، فتستحب في أول الخطبة، لما جاء. وتستحب البسلمة عند دخول الخلاء لما ورد من الحديث في ذلك، وتستحب في أول الوضوء لما جاء في مسند الإمام أحمد والسنن من رواية ابي هريرة وسعيد بن زيد وأبي سعيد مرفوعاً ( لاَ وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ )، وهو حديث حسن، وهكذا تستحب عند الأكل، لما في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لربيبه عمر بن أبي سلمة ( قُلْ: بِسْمِ اللهِ، وَكُلْ بِيَمِينكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ )، ومن العلماء من أوجبها والحالة هذه، وكذلك تستحب عند الجماع، لما في الصحيحين عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ قَالَ: بِسْمِ اللهِ، اللّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبِ الشَّيْطَانُ أَبَداً).

[ بماذا يتعلق بسم الله ]
ومن ههنا ينكشف لك أن القولين عند النحاة في تقدير المتعلق بالباء في قولك بسم الله، هل هو اسم أو فعل متقاربان، وكلٌّ قد ورد به القرآن، أما من قدره باسم تقديره: بسم الله ابتدائي، فلقوله تعالوا { وَقَالَ ارْكَبُواْ فِيهَا بِسْمِ اللّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (41)}هود. ومن قدره بالفعل أمراً أو خبراً نحو: أبدأُ بسم الله أو ابتدأت باسم الله فلقوله تعالى {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)}العلق. وكلاهما صحيح، فإن الفعل لا بد له من مصدر، فلك أن تقدر الفعل ومصدره، وذلك بحسب الفعل الذي سميت قبله إن كان قياماً أو قعوداً، أو أكلاً أو شرباً، فو قراءة، أو وضوءاً أو صلاة، فالمشروع ذكر اسم الله في الشروع في ذلك كله تبركاً وتيمناً واستعانة على الإتمام والتقبل. والله أعلم.

[ معنى لفظ الجلالة (( الله )) ]

(الله) علم على الرب تبارك وتعالى، يقال: إنه الاسم الأعظم لأنه يوصف بجميع الصفات، كما قال تعالى {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23) هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24)}الحشر. فأجرى الأسماء الباقية كلها صفات له، كما قال تعالى {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ... (180)}الأعراف. وقال تعالى {قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى ...(110) }الإسراء. وفي الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( إِنَّ للهِ تِسْعَةً وَتِسْعِنَ اسْماً، مِائَةً إِلاَّ وَاحِداً، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّة).

[ تفسير: الرحمن الرحيم ]
{الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} اسمان مشتقان من الرحمة على وجه المبالغة، ورحمن أشد مبالغة من رحيم، وفي كلام ابن جرير ما يفهم منه حكاية الاتفاق على هذا، وقال القرطبي: والدليل على أنه مشتق ما خرّجه الترمذي وصححه عن عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( قَالَ اللهُ تَعَالَى: أَنَا الرَّحْمنُ، خَلَقْتُ الرَّحِمَ وَشَقَقْتُ لَهَا اسْماً مِنِ اسْمِي، فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلْتُهُ، وَمَنْ قَطَعَهَا قَطَعْتُهُ ). قال: وهذا نص في الاشتقاق، وإنكار العرب لاسم الرحمن لجهلهم بالله وبما وجب له.
قال القرطبي: ثم قيل: هما بمعنى واحد كندمان ونديم، قاله أبو عبيد، وقيل: ليس بناء فعلان كفعيل، فإن فعلان لا يقع إلا على مبالغة الفعل، نحو قولك رجل غضبان – للرجل الممتلئ غضباً – وفعيل قد يكون بمعنى الفاعل والمفعول، قال أبو علي الفارسي: الرحمن اسم عام في جميع أنواع الرحمة يختص به الله تعالى، والرحيم إنما هو من جهة المؤمنين، قال الله تعالى { ... وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (43)}الأحزاب. وقال ابن عباس: هما اسمان رقيقان أحدهما أرق من الآخر أي: أكثر رحمة.
وقال ابن جرير: حدثنا السري بن يحي التميمي: حدثنا عثمان بن زفر سمعت العزرمي يقول: الرحمن الرحيم قال: الرحمن لجميع الخلق، الرحيم قال: بالمؤمنين قالوا: ولهذا قال {...ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا (59)}الفرقان. قال {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5)}طه. فذكر الاستواء باسمه الرحمن ليعم جميع خلقه برحمته، وقال {...وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (43)}الأحزاب. فخصهم باسم الرحيم، قالوا: فدل على أن الرحمن أشد مبالغة في الرحمة لعمومها في الدارين لجميع خلقه، والرحيم خاصة بالمؤمنين، لكن جاء في الدعاء المأثور (( رَحْمنَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَرَحِيمَهُمَا )).
واسمه تعالى الرحمن خاص به، لم يسم به غيره، كما قال تعالى {قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى ... (110)}الأسراء. وقال تعالى {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِن دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ (45)} الزخرف. ولما تجهرم مسيلمة الكذاب وشهر به، فلا يقال إلا مسيلمة الكذاب، فصار يضرب به المثل في الكذب بين أهل الحضر من أهل المدر، وأهل الوبر من أهل البادية والأعراب.
وعلى هذا فيكون تقديم اسم الله الذي لم يسم به أحد غيره، ووصفه أولاً بالرحمن الذي منع من التسمية به لغيره، كما قال تعالى {قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى ... (110)}الأسراء. وإنما تجهرم مسيلمة اليمامة في التسمي به، ولم يتابعه على ذلك إلا من كان معه في الضلالة وأما الرحيم فإنه تعالى وَصَف به غيرَه قال {لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ (128)}التوبة. كما وصف غيره بذلك من أسمائه كما قال تعالى {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (2)} الإنسان. والحاصل أن من أسمائه تعالى ما يسمى به غيره، ومنها ما لا يسمى به غيره، كاسم الله والرحمن والخالق والرزاق ونحو ذلك، فلهذا بدأ باسم الله ووصفه بالرحمن، لأنه أخص وأعرف من الرحيم، لأن التسمية أولاً إنما تكون بأشرف الأسماء فلهذا ابتدأ بالأخص فالأخص.
وقد جاء في حديث أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقطع قراءته حرفاً حرفاً {بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (3) مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)}الفاتحة. فقرأ بعضهم كذلك وهم طائفة، ومنهم من وصلها بقوله {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)}.

{ الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)}
[ معنى الحمد ]
قال أبو جعفر بن جرير: معنى { الْحَمْدُ للّهِ } الشكر لله خالصاً دون سائر ما يعبد من دونه، ودون كل ما برأ من خلقه، بما أنعم على عباده من النعم التي لا يحصيها العدد، ولا يحيط بعددها غيره أحد، في تصحيح الآلات لطاعته، وتمكين جوارح أجسام المكلفين لأداء فرائضه، مع ما بسط لهم في دنياهم من الرزق، وغذاهم من نعيم العيش من غير استحقاق منهم ذلك عليه، مع ما نبههم عليه ودعاهم إليه من دون الأسباب المؤدية إلى دوام الخلود في دار المقام في النعيم المقيم، فلربنا الحمد على ذلك كله أولاً وآخراً.
وقال ابن جرير رحمه الله { الْحَمْدُ للّهِ } ثناء أثنى به على نفسه، وفي ضمنه أمر عباده أن يثنوا عليه، فكأنه قال: قولوا الحمدلله. قال: وقد قيل: إن قول القائل { الْحَمْدُ للّهِ } ثناء عليه بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، وقوله ( الشكر لله ) ثناء عليه بنعمه وأياديه.

[ الفرق بين الحمد والشكر ]
والتحقيق أن بينهما عموماً وخصوصاً، فالحمد أعم من الشكر من حيث ما يقعان عليه؛ لأنه يكون على الصفات اللازمة والمتعدية، تقول: حمدته لفروسيته، وحمدته لكرمه، وهو أخص، لأنه لا يكون إلا بالقول، والشكر أعم من حيث ما يقعان عليه؛ لأنه يكون بالقول والفعل والنية وهو أخص، لأنه لا يكون إلا على الصفات المتعدية لا يقال: شكرته لفروسيته، وتقول: شكرته على كرمه وإحسانه إليّ. هذا حاصل ما حرره بعض المتأخرين. والله أعلم.
وقال أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري: الحمد نقيض الذم، تقول حمدت الرجل أحمده حمداً ومحمدة، فهو حميد ومحمود، والتحميد أبلغ من الحمد، والحمد أعم من الشكر، وقال في الشكر: هو الثناء على المحسن بما أولاه من المعروف، يقال: شكرته وشكرت له، وباللام أفصح، وأما المدح فهو أعم من الحمد، لأنه يكون للحي وللميت وللجماد أيضاً، كما يمدح الطعام والمكان ونحو ذلك، ويكون قبل الإحسان وبعده، وعلى الصفات المتعدية واللازمة أيضاً، فهو أعم.

ذكر أقوال السلف في الحمد
ورواه غير أبي معمر عن حفص فقال: قال عمر لعلي – وأصحابه عنده -: لا إله إلا الله وسبحان الله والله أكبر قد عرفناها. فما الحمد لله ؟ قال علي: كلمة أحبها الله تعالى لنفسه، ورضيها لنفسه، وأحب أن تقال. وقال ابن عباس: الحمدلله كلمة شكر، وإذا قال العبد: الحمد لله قال: شكرني عبدي. رواه ابن أبي حاتم.

[ فضائل الحمد ]
وقد روى الإمام أحمد بن حنبل عن الأسود بن سريع قال: قلت: يا رسول الله ألا أنشدك محامد حمدت بها ربي تبارك وتعالى فقال ( أَمَا إِنَّ رَبَّكَ يُحِبُّ الْحَمْدَ ) ورواه النسائي.
وروى أبو عيسى الحافظ الترمذي، والنسائي وابن ماجه من حديث موسى بن إبراهيم بن كثير عن طلحة بن خراش عن جابر بن عبدالله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أَفْضَلُ الذِّكْرِ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ، وَأَفْضَلُ الدُّعَاءِ الْحَمْدُ لِلّهِ ) وقال الترمذي: حسن غريب.
وروى ابن ماجه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( مَا أَنْـعَمَ اللهُ عَلى عَبْدٍ نِعْمَةً فَقَاَل: الْحَمْدُ لِلّهِ، إِلاَّ كَانَ الَّذِي أَعْطَى أَفْضَلَ مِمَّا أّخّذَ ).
وفي سنن ابن ماجه عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثهم ( أَنَّ عَبْداً مِنْ عِبَادِ اللهِ قَالَ: يَا رَبَّ لَكَ الْحَمْدُ كَمَا يَنْبَغِي لِجَلاَلِ وَجْهِكَ وَعَظِيمِ سُلْطَانِكَ. فَعَضَّلَتْ بِالْمَلَكَيْنِ فَلَمْ يَدْرِيَا كَيْفَ يَكْتُبَانِهَا، فَصَعِدَا إِلَى اللهِ فَقَالاَ: يَا رَبَّنَا إِنَّ عَبْداً قّدْ قَالَ مَقَالَةً لاَ نَدْرِي كَيْفَ نَكْتُبُهَا، قَالَ اللهُ – وّهُوَ أَعْلَمُ بِمَا قَالَ عَبْدُهُ -: مَاذَا قَالَ عَبْدِي؟ قَالاَ: يَا رَبِّ إِنَّهُ قَالَ: لَكَ الْحَمْدُ يَا رَبِّ كَمَا يَنْبَغِي لِجَلاَلِ وَجْهِكَ وَعَظِيمِ سُلْطَانِكَ. فَقَالَ اللهُ لَهُمَا: اكْتُبَاهَا كَمَا قَالَ عَبْدِي، حَتّى يَلْقَانِي فَأجْزِيَهُ بِهَا ).

[ الألف واللام في الحمد للاستغراق ]
والألف واللام في الحمد لاستغراق جميع أجناس الحمد وصنوفه لله تعالى، كما جاء في الحديث ( اللّهُمَّ لّكّ الْحَمْدُ كُلُّهُ، وَلَكَ الْمُلْكُ كُلُّهُ، وَبِيَدِكَ الْخََيْرُ كُلُّهُ، وَإِلَيْكَ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ )الحديث.

[ معنى الرب ]
والرب هو المالك المتصرف، ويطلق في اللغة على السيد، وعلى المتصرف للإصلاح، وكل ذلك صحيح في حق الله، ولا يستعمل الرب لغير الله بل بالإضافة تقول: رب الدار، رب كذا، وأما الرب فلا يقال إلا لله عزّ وجل، وقد قيل إنه الاسم الأعظم.

[ معنى العالمين ]
والعالمين جمع عالم وهو كل موجود سوى لله عزّ وجل، والعالم جمع لا واحد له من لفظه، والعوالم أصناف المخلوقات في السماوات وفي البر والبحر، كل قرن منها وجيل يسمى عالماً أيضاً. قال الفراء وأبو عبيد: العالم عبارة عما يعقل، وهم الإنس والجن والملائكة والشياطين، ولا يقال للبهائم عالم. وعن زيد بن أسلم وأبي محيصن: العالم كل ما له روح ترفرف. وقال لقتادة {رَبِّ الْعَالَمِينَ} كل صنف عالم، وقال الزجاج: العالم كل ما خلق الله في الدنيا والآخرة، قال القرطبي: وهذا هو الصحيح إنه الشامل لكل العالمين كقوله {قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ (23) قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إن كُنتُم مُّوقِنِينَ (24) }الشعراء.

[ وجه تسمية العالم ]
والعالم مشتق من العلامة (قلت) لأنه علم دال على وجود خالقه وصانعه ووحدانيته.

{الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3)}
وقوله تعالى {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} تقدم الكلام عليه في البسملة بما أغنى عن الإعادة. قال القرطبي: إنما وصف نفسه بالرحمن الرحيم بعد قوله: رب العالمين، ليكون من باب قرن الترغيب بعد الترهيب كما قال تعالى {نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَ أَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ (50)}الحجر. وقوله تعالى {... إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (165) }الأنعام. قال: فالرب فيه ترهيب، والرحمن الرحيم ترغيب. وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لّوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ مَا عِنْدَ اللهِ مِنَ الْعُقُوبََةِ مَا طَمِعَ فِي جَنَّتِهِ أَحَدٌ، وَلَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ مَا عِنْدَ اللهِ مِنَ الرَّحْمَةِ مَا قَنِطَ مِنْ رَحْمَتِهِ أَحَدٌ ).

{ مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)}
[ معنى تخصيص الملك بيوم الدين ]
وتخصيص الملك بيوم الدين لا ينفيه عما عداه، لأنه قد تقدم الإخبار بأنه رب العالمين، وذلك عامّ في الدنيا والآخرة، وإنما أضيف إلى يوم الدين لأنه لا يدعي أحد هنالك شيئاً، ولا يتكلم أحد إلا بأذنه، كما قال تعالى {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا (38)}النبأ. وقال تعالى {... وَخَشَعَت الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا (108)}طه. وقال تعالى {يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (105)}هود. وقال الضحاك عن ابن عباس {مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)} يقول: لا يملك أحد معه في ذلك اليوم حكماً كملكهم في الدنيا.

[ معنى يوم الدين ]
قال: ويوم الدين يوم الحساب للخلائق، وهو يوم القيامة، يدينهم بأعمالهم إن خيراً فخير وإن شراً فشر إلا من عفا عنه، وكذلك قال غيره من الصحابة والتابعين والسلف وهو ظاهر.

[ الملك وملك الأملاك هو الله ]
والملك في الحقيقة هو الله عزّ وجل، قال الله تعالى {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23)}الحشر. وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً ( أَخْنَعُ اسْمٍ عِنْدَ اللهِ رَجُلٌ تَسَمَّى بِمَلِكِ الأَمْلاَكِ، وَلاَ مَالِكَ إِلاَّ اللهُ )، وفيهما عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( يَقْبِضُ اللهُ الأَرْضَ وَيَطْوِي السَّمَاءَ بِيَمِينِهِ ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ، أَيْنَ مُلُوكُ الأَرْضِ؟ أَيْنَ الْجَبَّارُونَ؟ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُون؟ ). وفي القرآن العظيم {... لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (16)}غافر. فأما تسمية غيره في الدنيا بملك فعلى سبيل المجاز كما قال تعالى {... إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا... (247)}البقرة. وأيضاً {... وَكَانَ وَرَآءهُم مَّلِكٌ ... (79)}الكهف. وقال أيضاً {... إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاء وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا... (20)}المائدة. وفي الصحيحين ( مَثَلُ الْمُلُوكِ عَلَى الأَسِرَّةِ ).

[ تفسير الدين ]
والدين الجزاء والحساب، كما قال تعالى {يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (25)}النور. وقال تعالى {... أَءِِنَّا لَمَدِينُونَ (53)}الصافات. أي: مجزيون محاسبون، وفي الحديث ( الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ )، أي: حاسب نفسه، كما قال عمر رضي الله عنه: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أنفسكم قبل أن تزنوا، وتأهبوا للعرض الأكبر على من لا تخفى عليه أعمالكم { يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ (18)}الحاقة.

:: المصدر ::
المصباح المنير في تهذيب تفسير ابن كثير
للإمام إسماعيل بن عمر بن كثير
رحمه الله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تفسير سورة الفاتحة الجزء الأول
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» صانع ألعاب الفريق وهو يقرأ سورة الفاتحة
» تفسير سورة المسد
» تفسير سورة النصر
» تفسير سورة الكوثر - بطاقات
» تفسير القران الجلالين تفسير القرطبي تفسير الطبري

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات نور العاشقين ملتقى العرب والعراقيين :: ::المنتديات الأسلامية:: :: منتدى القران الكريم وعلومه-
انتقل الى: