ليس الغنى التام هو كثرة المتاع ووفرة المال
وتملك سائر ملذات الدنيا ومظاهر الزينة أو الترؤس على الخلق وبلوغ المراتب العالية
وإنما الغنى هو سكون الفرح في القلب واشتغاله بما يقرب لله وعمارته بالرضا واليقين والشعور بالسعادة ولو بالمتاع القليل من الدنيا والترفع والاستغناء عما في أيدي الناس.
وكلما تعلق القلب بالله أعرض عما سواه ومتى كان القلب غنيا بالله استغنى عن الخلق فمدار الغنى على سعادة القلب لا على الجوارح.
وكم من إنسان قد جمعت له الدنيا بحذافيرها وكان له خدم وحشم ولكنه كثير الهم والتسخط والطمع يكثر الشكوى ولا يقنع بما آتاه الله معذب بماله لأنه تعلق بالدنيا وصار عبدا لها. وكم من إنسان قليل المتاع لم يكتب له من الدنيا إلا اليسير لكنه غاية في السرور والهنا مرتاح البال ينام قرير العين لا يشقى لدنيا على حساب دينه وعافيته ويزهد بما في أيدي الناس.
ومن استغنى بالله أغناه عن الحرام وجعل كفايته في الحلال. ومن استغنى بالخلق وكله الله إليهم وتخلى الله عنه وجعل فقره بين عينيه وعاش ذليلا. ومن كان فقير النفس أمسكت يده عن العطاء ومن كان غني النفس جادت يده بالجود والإحسان.