من فضائل الحسن والحسين عليهم السلام
إبراهيم بن إسحاق الطالقاني ، قال : حدثنا أبو سعيد الحسن بن علي العدوي ، قال : حدثنا علي بن عيسى الكوفي ، قال : حدثنا جرير بن عبد الحميد ، عن الأعمش ، وزاد بعضهم على بعض في اللفظ ، وقال بعضهم ما لم يقل بعض ، وسياق الحديث لمنذر بن علي العنزي ، عن الأعمش قال :
« بعث إلي أبو جعفر الدوانيقي في جوف الليل ان أجب ، قال : فقمت متفكرا فيما بيني وبين نفسي ، وقلت : ما بعث إلي أمير المؤمنين في هذه الساعة إلا ليسألني عن فضائل علي ( عليه السلام ) ولعلي إن أخبرته قتلني .
قال : فكتبت وصيتي ولبست كفني ودخلت عليه ، فقال : ادن ، فدنوت وعنده عمرو بن عبيد ، فلما رأيته طابت نفسي شيئا ، ثم قال : ادن ، فدنوت حتى كادت تمس ركبتي ركبته ، قال : فوجد مني رائحة الحنوط ، فقال : والله لتصدقني أو لأصلبنك ، قلت : ما حاجتك يا أمير المؤمنين ؟ قال : ما شأنك متحنطا ؟ قلت : أتاني رسولك في جوف الليل ان أجب فقلت : عسى أن يكون أمير المؤمنين بعث إلي في هذه الساعة ليسألني عن فضائل علي ( عليه السلام ) فلعلي إن أجبته قتلني ، فكتبت وصيتي ولبست كفني ، قال : وكان متكئا فاستوى جالسا وقال : لا حول ولا قوة إلا بالله ( العلي العظيم ) سألتك بالله يا سليمان كم تروي حديثا في فضائل علي ( عليه السلام ) ؟ فقلت : يسيرا يا أمير المؤمنين ، قال : كم ؟ قلت : عشرة آلاف حديث وما زاد ، قال : يا سليمان والله لاحدثنك بحديث في فضائل علي تنسى كل حديث سمعته ، قال : قلت : حدثنا يا أمير المؤمنين ؟ قال : نعم .
كنت هاربا من بني امية وكنت أتردد في البلدان ، فأتقرب الى الناس بفضائل علي ( عليه السلام ) ، وكانوا يطعمونني ويودونني حتى وردت بلاد الشام واني لفي كساء خلق ما علي غيره ، فسمعت الإقامة وأنا جائع ، فدخلت المسجد لاصلي ، وفي
نفسي أن اكلم الناس في عشاء يعشونني ، فلما سلم الامام دخل المسجد صبيان ، فالتفت الامام إليهما وقال : مرحبا بكما ومرحبا بمن اسماكما على اسميهما ، وكان الى جنبي شاب ، قلت :
يا شاب ما الصبيان من الشيخ ؟ فقال : هو جدهما وليس في المدينة أحد يحب عليا غير هذا الشيخ ، فلذلك سمى أحدهما الحسن والآخر الحسين ، فقمت فرحا فقلت للشيخ : هل لك حديث أقر به عينك ، فقال : ان اقررت عيني اقررت عينيك ، قال : فقلت :
حدثني والدي ، عن أبيه ، عن جده قال : كنا قعودا عند رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إذ جاءت فاطمة ( عليها السلام ) وهي تبكي ، فقال لها النبي : ما يبكيك يا فاطمة ؟ قالت : يا أبه خرج الحسن والحسين فما أدري أين باتا ، فقال لها النبي ( صلى الله عليه وآله ) : يا فاطمة لا تبكين فان الله خلقهما وهو ألطف بهما منك ، ورفع النبي ( صلى الله عليه وآله ) يده إلى السماء فقال : اللهم إن كان أخذا برا أو بحرا فاحفظهما وسلمهما .
ونزل جبرئيل ( عليه السلام ) من السماء فقال : يا محمد ان الله يقرؤك السلام و [ هو ] يقول : لا تحزن ولا تغتم لهما فانهما فاضلان في الدنيا وفاضلان في الآخرة وأبوهما أفضل منهما ، هما نائمان في حضيرة بني النجار وقد وكل الله بهما ملكين ، قال : فقام النبي ( صلى الله عليه وآله ) فرحا ومعه أصحابه حتى أتوا حضيرة بني النجار ، فإذا هم بالحسن معانق الحسين ، فإذا الملك الموكل بهما قد أفترش أحد جناحيه تحتهما وغطاهما بالآخر ، [ قال : ] فمكث النبي يقبلهما حتى انتبها ، فلما استيقظا حمل النبي ( صلى الله عليه وآله ) الحسن وحمل جبرئيل الحسين ، فخرج من الحضيرة وهو يقول : والله لأشرفنكما كما شرفكما الله عز وجل ، فقال له أبو بكر : ناولني أحد الصبيين اخفف عنك ، فقال : يا أبا بكر نعم الحاملان ونعم الراكبان وأبوهما أفضل منهما ،
فخرج [ منها ] ، حتى أتى باب المسجد فقال : يا بلال هلم علي بالناس ، فنادى منادي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في المدينة ، فاجتمع الناس عند رسول الله في المسجد ، فقام على قدميه وقال :
يا معاشر الناس ألا أدلكم على خير الناس جدا وجدة ؟ قالوا : بلى يارسول الله ، فقال ( صلى الله عليه وآله ) : الحسن والحسين فان جدهما محمد وجدتهما خديجة بنت خويلد ، يا معاشر الناس ألا أدلكم على خير الناس أبا واما ؟ قالوا : بلى يارسول الله ،
قال ( صلى الله عليه وآله ) : الحسن والحسين فان أباهما [ علي ] يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، وامهما فاطمة بنت محمد رسول الله .
يا معشر الناس ألا أدلكم على خير الناس عما وعمة ؟ قالوا : بلى يارسول الله ، قال : الحسن والحسين فان عمهما جعفر بن أبي طالب الطيار في الجنة [ مع الملائكة ] وعمتهما ام هاني بنت أبي طالب ، يا معشر الناس ألا أدلكم على خير الناس خالا وخالة ؟ قالوا : بلى يارسول الله ، فقال ( صلى الله عليه وآله ) : الحسن والحسين ، فان خالهما القاسم بن رسول الله وخالتهما زينب بنت رسول الله ، ثم أشار ( صلى الله عليه وآله ) بيده هكذا يحشرنا الله ، ثم قال :
اللهم إنك تعلم ان الحسن في الجنة والحسين في الجنة وجدهما في الجنة وجدتهما في الجنة وأباهما في الجنة وامهما في الجنة وعمهما في الجنة وعمتهما في الجنة ، وخالهما في الجنة وخالتهما في الجنة . اللهم إنك تعلم ان من يحبهما في الجنة ومن يبغضهما في النار . قال : فلما قلت ذلك للشيخ قال : من أنت يافتى ؟ قلت : من أهل العراق من الكوفة قال : أعربي أنت أم مولى ؟ قلت : عربي ، قال : فأنت تحدث بهذا الحديث وأنت في هذا الكساء ، فكساني خلعة وحملني على
بغلته فبعتها بمائة دينار ، وقال لي :
يا شاب أقررت عيني فوالله لأقرن عينك ولأرشدنك إلى شاب يقر عينك اليوم ، قال : فقلت : إرشدني ، فقال :
لي أخوان أحدهما امام والآخر مؤذن ، أما الامام فانه يحب عليا ( عليه السلام ) منذ خرج من بطن امه ( وأما المؤذن فانه يبغض عليا منذ خرج من بطن امه ) ،
قال : فقلت : أرشدني ، فأخذ بيدي حتى أتى بي باب الامام ، فإذا [ انا ] برجل قد خرج إلي ، فقال : أما البغلة والكسوة فاعرفهما والله ما كان فلان يحملك ويكسوك إلا لأنك تحب الله عز وجل ورسوله ( صلى الله عليه وآله ) ، فحدثني بحديث في فضائل علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) :
قال : فقلت له : أخبرني أبي ، عن أبيه ، عن جده قال : كنا قعودا عند النبي ( صلى الله عليه وآله ) إذا جاءت فاطمة ( عليها السلام ) تبكي بكاء شديدا ، فقال لها رسول الله :
ما يبكيك يا فاطمة ؟ قالت : يا أبه بدون غلط وسب والا تم رميك في سله النفاياتتني نساء قريش وقلن ان أباك قد زوجك من معدم لا مال له .
فقال [ لها ] النبي :
لا تبكين فوالله ما زوجتك حتى زوجك الله من فوق عرشه ، وأشهد بذلك جبرئيل وميكائيل ، وان الله عز وجل اطلع على أهل الدنيا فاختار من الخلائق أباك فبعثه نبيا ، ثم اطلع الثانية فاختار من الخلائق عليا فزوجك إياه واتخذته وصيا ، فعلي أشجع الناس قلبا وأحلم الناس حلما ، وأسمح الناس كفا وأقدم الناس سلما ، وأعلم الناس علما ، والحسن والحسين أبناه وهما سيدا شباب أهل الجنة واسمهما في التوراة : شبر وشبير لكرامتهما على الله عز وجل ،
يا فاطمة لا تبكين فوالله انه إذا كان يوم القيامة يكسى أبوك حلتين وعلي حلتين ، ولواء الحمد بيدي ، فأناوله عليا لكرامته على الله عز وجل ،
يا فاطمة لا تبكين فاني إذا دعيت إلى رب العالمين يجئ علي معي ، فإذا شفعني الله عز
وجل شفع عليا معي ،
يا فاطمة لا تبكين إذا كان يوم القيامة ينادي مناد في أهوال ذلك اليوم : يا محمد نعم الجد جدك إبراهيم خليل الرحمان ، ونعم الأخ أخوك علي بن أبي طالب ،
يا فاطمة علي يعينني على مفاتيح الجنة وشيعته هم الفائزون يوم القيامة غدا في الجنة .
فلما قلت ذلك : قال : يا بني ممن أنت ؟ قلت : من أهل الكوفة ، قال : أعربي أم مولى ؟ قلت : بل عربي ، قال : فكساني ثلاثين ثوبا وأعطاني عشرة آلاف درهم ، ثم قال : يا شاب قد أقررت عيني ولي إليك حاجة ، قلت : قضيت إن شاء الله ، قال : فإذا كان غدا فأت مسجد آل فلان كيما ترى أخي المبغض لعلي ( عليه السلام ) .
قال : فطالت تلك الليلة علي ، فلما أصبحت أتيت المسجد الذي وصف لي ، فقمت في الصف ، فإذا الى جانبي شاب متعمم ، فذهب ليركع فسقطت عمامته ، فنظرت في وجه ، فإذا رأسه رأس خنزير ووجهه وجه خنزير ، فوالله ما علمت ما تكلمت [ به ] في صلاتي حتى سلم الامام ، فقلت : [ يا ] ويحك ما الذي أرى بك ؟ فبكى وقال لي : انظر إلى هذا الدكان ، فنظرت فقال لي : أدخل فدخلت ، فقال لي :
كنت مؤذنا لآل فلان ، كلما أصبحت لعنت عليا صلوات الله عليه ألف مرة في الأذان والإقامة ، ولما كان يوم الجمعة لعنته أربعة آلاف مرة ، فخرجت من منزلي فأتيت داري ، فاتكيت على هذا الدكان الذي ترى فرأيت في منامي كأني في الجنة وفيها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وعلي فرحين ، ورأيت كأن النبي عن يمينه الحسن وعن يساره الحسين ومعه كأس فقال : يا حسن اسقني فسقاه ، ثم قال : اسق الجماعة فشربوا ، ثم رأيته كأنه قال : اسق المتكئ على هذا الدكان فقال له الحسن
يا جداه أتأمرني أن اسقي هذا وهو يلعن والدي في كل يوم ألف مرة بين الأذان والإقامة ، وقد لعنه في هذا اليوم أربعة آلاف مرة .
فأتاني النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقال لي : مالك عليك لعنة الله تلعن عليا وعلي مني ، وتشتم عليا وعلي مني ، فرأيته كأنه تفل في وجهي وضربني برجله ، وقال : قم غير الله ما بك من نعمة ، فانتبهت من نومي فإذا كأن رأسي رأس خنزير ووجهي وجه خنزير .
ثم قال لي أبو جعفر أمير المؤمنين : أهذان الخبران في يديك ؟ فقلت : لا ، فقال : يا سليمان حب علي ايمان وبغضه نفاق والله لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق . قال : قلت : الأمان يا أمير المؤمنين ، قال : لك الأمان .
قلت : فما تقول في قاتل الحسين ( عليه السلام ) ؟ قال : الى النار وفي النار ، قلت : وكذلك من قتل ولد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى النار وفي النار ، قال : الملك عقيم يا سليمان ، اخرج وحدث بما سمعت »
-----
المصدر كتاب بشارة المصطفى ( صلى الله عليه وآله ) لشيعة المرتضى ( عليه السلام ) - (ج 22 / ص 9)