شخص محبوب المدير العام
الـــعمر : 36
الـــــبــلـد : الجـــنس : المساهمات : 1410
| موضوع: تفسير سورة المسد 13/09/11, 04:04 pm | |
| تفسير سورة المسد وهي مكية
بسم الله الرحمن الرحيم
{ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَىٰ عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2) سَيَصْلَىٰ نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5) }
[ سبب نزل السورة، وعناد أبي لهب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ] روى البخاري عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى البطحاء فصعد الجبل فنادى ( يَا صَبَاحَاهْ ) فاجتمعت إليه قريش فقال ( أَرَأَيْتُمْ إِنْ حَدَّثْتُكُمْ أَنَّ الْعَدُوَّ مُصَبِّحُكُمْ، أَوْ مُمَسِّيكُمْ أَكُنْتُمْ تُصَدِّقُونِّي؟)، قالوا: نعم، قال ( فَإِنِّي نّذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ )، فقال أبو لهب: ألهذا جمعتنا؟ تبّاً لك، فأنزل الله { تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) } إلى آخرها. وفي رواية: فقام ينفض يديه ويقول: تبّاً لك سائر اليوم، ألهذا جمعتنا؟ فأنزل الله { تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) } الأول دعاء عليه والثاني خبر عنه، فأبو لهب هذا هو أحد أعمام الرسول صلى الله عليه وسلم، واسمه عبدالعزى بن عبدالمطلب، وكنيته أبو عتيبة، وإنما سمي أبا لهب لإشراق وجهه، وكان كثير الأذية لرسول الله صلى الله عليه وسلم والبغضة له، والازدراء به، والتنقص له ولدينه. روى الأمام أحمد عن أبي الزناد قال: أخبرني رجل يقال له: ربيعة بن عباد من بني الديل، وكان جاهليّاً فأسلم قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في الجاهلية في سوق ذي المجاز وهو يقول ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ، قُولُوا: لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ تُفْلِحُوا )، والناس مجتمعون عليه، ووراءه رجل وضيء الوجه أحول ذو غديرتين يقول: إنه صابئ كاذب، يتبعه حيث يذهب، فسألت عنه فقالوا: هذا عمه أبو لهب، ثم رواه عن سريج عن ابن أبي الزناد عن أبيه فذكره، قال أبو زناد: قلت: لربيعة كنت يومئذ صغيراً؟ قال: لا والله، إني يومئذ لأعقل، أني أزفر القربة. تفرد به أحمد. وقوله تعالى { مَا أَغْنَىٰ عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2) } قال ابن عباس وغيره { وَمَا كَسَبَ } يعني ولده، وروي عن عائشة ومجاهد وعطاء والحسن وابن سيرين مثله، وذكر عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دعا قومه إلى الإيمان، قال أبو لهب: إن كان ما يقول ابن أخي حقّاً، فإني أفتدي نفسي يوم القيامة من العذاب الأليم بمالي وولدي، فأنزل الله تعالى { مَا أَغْنَىٰ عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2) } وقوله تعالى { سَيَصْلَىٰ نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3) } أي ذات لهب وشرر وإحراق شديد.
[ ذكر مصير أم جميل امرأة أبي لهب ] { وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) } وكانت زوجته من سادات نساء قريش وهي أم جميل، واسمها أروى بنت حرب بن أمية، وهي أخت أبي سفيان وكانت عوناً لزوجها على كفره وجحوده وعناده. فلهذا تكون يوم القيامة عوناً عليه في عذابه في نار جهنم، ولهذا قال تعالى { وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5) } يعني تحمل الحطب فتلقى على زوجها ليزداد على ما هو فيه، وهي مهيأة لذلك مستعدة له { فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5) } قال مجاهد وعروة: من مسد النار. وقال العوفي: عن ابن عباس وعطية الجدلي والضحاك وابن زيد: كانت تضع الشوك في طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال الجوهري: المسد: الليف، والمسد أيضاً: حبل من ليف أو خوص، وقد يكون من جلود الأبل أو أوبارها، ومسدت الحبل أمسده مسداً، إذا أجدت فتله. وقال مجاهد { فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5) } أي طوق من حديد، ألا ترى أن العرب يسمون البّكْرةَ مسداً؟.
[ قصة من إذاء امرأة أبي لهب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ] وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي وأبو زرعة قالا: حدثنا عبدالله بن الزبير الحميدي، حدثنا سفيان، حدثنا الوليد ابن الكثير عن [ابن تَدْرُس] عن أسماء بنت أبي بكر قالت: لما نزلت {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ } أقبلت العوراء أم جميل بنت حرب، ولها ولولة وفي يدها فهر، وهي تقول: مُذَمَّماً أبَينا ، وَدِينَه قَلَينا ، وأمْرَه عصينا. ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد، ومعه أبو بكر، فلما رآها أبو بكر قال: يا رسول الله، لقد أقبلت وأنا أخاف عليك أن تراك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إِنَّهَا لَنْ تَرَانِي ) وقرأ قرآناً اعتصم به، كما قال تعالى {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا (45) } الإسراء، فأقبلت حتى وقفت على أبي بكر ولم ترَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا أبا بكر، إني أخبرت أن صاحبك هجاني، فقال: لا، ورب هذا البيت ما هجاك، فولت وهي تقول: قد علمت قريش أني ابنة سيدها، قال: وقال الوليد في حديثه أو غيرُه: فعثرت أم جميل في مرطها وهي تطوف بالبيت فقالت: تعس مُذَمَّم، فقالت أم حكيم بنت عبدالمطلب: إني لحَصانٌ فما أُكلّم، وثَقَاف فما أعلَّم، وكلتانا من بني العم، وقريش بعد أعلم.
آخر تفسير السورة، ولله الحمد والمنة.
:: المصدر :: المصباح المنير في تهذيب تفسير ابن كثير للإمام إسماعيل بن عمر بن كثير رحمه الله
| |
|